سلام كنعان يصّور حكايات القدس في طريق الآلام
عبر ما يقارب عشرين لوحة فنية، يصوّر التشكيلي الأردني سلام كنعان “طريق الآلام”، وهو طريق تاريخي داخل البلدة القديمة في القدس، يمتد من باب الأسباط إلى كنيسة القيامة.
وترصد اللوحات تفاصيل الطريق وما يتخللها من مشاهد لبيوت قدسية عتيقة، وحركة الناس بأزيائهم التقليدية، كما تُظهر أسراب الحمام التي تحطّ على الطريق بطمأنينة، ومحلات بيع الخضروات والفواكه وغيرها من مشاهد تمنح اللوحة بعداً حيوياً وحركياً يشير إلى تجربة كنعان الخاصة في رسم المكان القدسي.
وتجلّت هذه الحيوية عبر احتفاء الفنان بمفردة الإنسان وحركته في المكان والزمان، عابراً الأزقة والحارات القديمة، بملابس تُظهر هيئته وتعبّر عن هويته. وليس بجديد اهتمام كنعان بمفردة الهوية التي يعبّر عنها بكل ما تتضمنه اللوحة من تفاصيل، وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالقدس التي شكلت منابع وعيه الأولى ومفتاح موهبته التي ما تزال تستعين بما اختزنه في الذاكرة.
وتَظهر الهوية في اللوحة ضمن مستويين، الأول من خلال رؤية الفنان للعمل، وتركيزه على مفردات في المدينة بعينها مثلت رموزاً وإشارات بصرية قوية، والثاني من خلال إبراز شكل الزي التقليدي؛ وهو المئزر تحت السروال العريض والحطة على الرأس للرجل، والثوب المطرز والشال الأبيض الشفاف فوق الرأس للمرأة.
تتناول كل لوحة من لوحات المعرض جانباً من حكاية مدينة القدس قديماً قبل أن يلوثها الاحتلال الإسرائيلي، حيث الطبيعة فيها تتناغم مع حجارتها العريقة وحضاراتها الراسخة، وإنسانها الفلسطيني الذي يشبهها، إذ تمتد جذوره عميقاً في أرضها وتبقى عصية على الاقتلاع.ومثّلت خلفيات اللوحات امتداداً لونياً طبيعياً، من الرمادي والأبيض والأزرق والبني الفاتح، فاللون محتفى به كمكون أول للّوحة.
وفي سبيل إظهار قدراته الفنية اشتغل الفنان بشكل مدروس على تقديم تدرجات لونية لافتة للنظر، حيث الدقة التي استطاعت أن تحمل الشحنات العاطفية في اللوحة وتنقلها للمشاهد، رغم صعوبة ذلك نظراً لطبيعة اللون المائي وشفافيته كمادة فنية.يتضح في اللوحات الغنى التعبيري، وبخاصة في اللوحات التي اعتمدت على لونين أو ثلاثة على الأكثر، ويعود ذلك من جهة إلى طبيعة الموضوع المتناوَل وهو مدينة القدس، ومن جهة أخرى إلى الرصانة في التكوين وتوزيع الكتل، والدقة في إبراز المنمنمات والتفاصيل الصغيرة للمكان.
وكالات