مشحر زوج الثنتين… طرافة الكلمة وعمق العبرة
مشحر زوج الثنتين، أغنية وفيديو كليب أطلقه تلفزيون فلسطيني بصوت الفنان الشعبي ابراهيم صبيحات وتوزيع يزن نسيبة وإخراج محمد فرج، حيث أبدع ثلاثي الأداء والصورة والتوزيع بإحياء هذه الأغنية والتي هي من كلمات وألحان الفنان الفلسطيني الشهيد نوح ابراهيم ١٩١٣-١٩٣٨.
من الملفت ظهور هذا اللون من الغناء الذي يحتوي الكوميدية الإجتماعية مؤخرا في فلسطي ومن الملفت أكثر أن هذه الأغنية كانت حاضرة في بدايات القرن الماضي حيث تم العثور عليها في أرشيف إذاعة بغداد حسب تقديرات في العام ١٩٣٠ وهنا نلاحظ مدى عراقة الفن الفلسطيني ماقبل النكبة وتنوع فنه، فمن المعلوم في أوساط الفن أن الأغنية الكوميدية والنقد الإجتماعي فن سهل ممتنع وكأن إحدى رسائل الأغنية هي التأكيد على عراقة وثقافة الفن الفلسطيني حتى في عشرينيات القرن الماضي وماقبله ودليل على انفتاح الرؤية المجتمعية وقتها، والملفت أكثر في الأغنية هي حكاية فنانها الأصلي -نوح ابراهيم والذي عاصر هبة البراق وثورة ١٩٣٦ وعلاقته بالشيخ عزالدين القسام الذي استطاع أن يوظف فنه وصوته في ثورته.
وهنا نستخلص مدى ارتباط الفنان الفلسطيني بقضيته وأرضه وكم هو منغمس في أحداثها ومتنقل مع أجوائها ولك ان تتخيل أن هذا الفنان الشعبي بهذه الكلمات الكوميدية هو ذاته من غنى أغنية سجن عكا-حسب بعض المؤرخين وهو من غنى دبرها يا مستر دل وياخسارة يا عزالدين وَيَا بحرية يافا وعشرات الأغاني الوطنية والشعبية ولا أدل على صدق الفن حينما يقضي الفنان شهيداً على تراب وطنه كحكاية الفنان نوح ابراهيم ويدحض الصورة النمطية التي تحاول أن تخرج الفن عن نص ثقافة مجتمعه وتعزله عن هموم محيطه،ومن زاوية أخرى تستنتج عمق رؤية الشيخ عزالدين في أن استقطب الفن وجعله جناحاً مقاوماً وهو الذي أطلق ثورة ابتدأت من المساجد وهذا يجعلنا نرى مدى تناغم المجتمع الفلسطيني في وقتها كل ضد الاحتلال،مرة أخرى يتأكد المؤكد أن فلسطين كانت واجهةً في الأدب والفن وعنواناً حضارياً في المقاومة والترابط المجتمعي وكانت دولة كاملة العناصر وله شعبٌ مبدع في فنه كما في مقاومته.