الحرب على الثقافة والفن إبادة الجين الوراثي لهويتنا الوطنية
في قطاع غزّة، كما لا يعد ارتقاء آلاف الشهداء وتدمير المرافق الحيوية أمرًا عابرًا في حرب يزعم فيها العدو الإسرائيلي استهداف حركة حماس والمقاومة فيها. فلا يعد استهداف المنشآت والمؤسّسات الثقافية بالقذائف والصواريخ تفصيلًا عشوائيًا في جرائم التوحّش المستمرة منذ سبع أشهر.
فمنذ بداية الحرب على قطاع غزة تعرضت المدن والبلدات والمخيمات لدمار هائل نتيجة الاجرام والابادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال، وفيما يتواصل تدمير المكان والزمان والذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، يظل شعبنا يواصل صموده ومقاومته على أرضه رغم كل الصعاب والمحن التي يواجهها.
لم يسلم شيء من آلة الحرب الإسرائيلية، فلم تكتف بتدمير المقرات الحكومية ومنازل المواطنين والشوارع والبينة التحتية، بل طال دمارها المشهد الثقافي الفلسطيني والذي فقد العديد من المبدعين والفنانين والرموز، وتضررت ودمرت العديد من المراكز الثقافية والمواقع التاريخية والمساجد والكنائس التاريخية. بالإضافة إلى ذلك، تضررت دور النشر والمطابع والاستوديوهات الإعلامية والفنية، مما أثر بشكل سلبي على الحياة الثقافية والفنية للمجتمع في غزة.
من جهتها أصدرت وزارة الثقافة الفلسطينية تقريرًا أوليًّا يوثّق أسماء الشهداء والشهيدات من التشكيليين والمسرحيين والقصّاصين والروائيين والفنانين والأكاديميين والعاملين في القطاع الثقافي الذين فقدوا حياتهم، بالإضافة إلى توثيق جميع المراكز الثقافية والمدارس القديمة والمكتبات والجامعات والمتاحف والمسارح والغاليريهات ودور النشر والمواقع الأثرية والمباني الثقافية والأستوديوهات التي تم دمرها بشكل كليّ أو جزئيّ.
وتحدثت الوزارة في التقرير عن صعوبة كشف الحقائق الشاملة والدقيقة حول هذا الأمر، مؤكدة أن ما تم توثيقه هو فقط جزء من الاعتداءات المتعددة التي تعرّض لها المشهد الثقافي في القطاع. ومن المأمول أن يتم تجميع ملفّات توثيق جميع الجرائم التي يرتكبها المحتلّ ضد الثقافة ومنتجاتها في القطاع.
عطفا على ما سبق يشكل استهداف المراكز الثقافية والفنية في قطاع غزة جزءًا من سياسة الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في استهداف وتدمير البنية التحتية والمؤسسات الثقافية والتراثية للشعب الفلسطيني. حيث تقوم دولة الاحتلال بحرب شاملة على الهوية والثقافة الفلسطينية من خلال استهداف تلك المؤسسات، وتدمير المواقع التاريخية والمساجد والكنائس التاريخية. تُعد هذه الهجمات استكمالاً لجريمة النكبة التي بدأت قبل قرابة سبعين عاماً، حيث يهدف الاحتلال إلى طمس الذاكرة الجماعية وتدمير كل شواهد وجود الشعب الفلسطيني وارتباطه بأرضه.
وفي ظل هذا الوضع، أشار وزير الثقافة عاطف أبو سيف في تقرير الوزارة، إلى أن الاحتلال ينفذ حربًا شاملة ضد الهوية الفلسطينية من خلال استهداف المؤسسات الثقافية والتراثية، واغتيال الشعراء، والكتاب، والفنانين. كما ويتعمد الاحتلال تدمير كل ما يرتبط بالهوية والثقافة الفلسطينية بهدف محو الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني وتمزيق هويته الوطنية.
ويشكل صمت المنظمات الدولية والمجتمع الدولي أمام هذه الجرائم خيانة للإنسانية ولتاريخ البشرية، ويعكس تخاذلها وتواطؤها في وجه الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
ومع كل هذه التحديات والمصاعب، فإن الثقافة الفلسطينية تظل الجين الوراثي لهويتنا الوطنية، وهي جوهر وأساس سرديتنا التاريخية ومرافعتنا الحقوقية والسياسية ولقد خسرت الثقافة العربية في فلسطين قامات أدبية وفنية كبيرة خلال هذه الحرب كان لها دور كبير في رفعة وتعزيز الثقافة الوطنية وحضور فلسطين في المحافل الأدبية والفنية. فخلال أول ثلاث شهور من الحرب ارتقى واحد وأربعون فنان ثقافيا في استهداف الجيش المختلفة في مناطق قطاع غزة والكثير منهم فقد عائلته وفقد مكتبته ومرسمه وضاعت تحت الركام العديد من الأعمال الفنية والمخطوطات الأدبية الثمينة. عرف من الشهداء “الفنانة التشكيلية هبة زقوت قتلت مع ابنها، والكاتبة والشاعرة هبة أبو ندى، والشاعر عمر أبو شاويش، والفنانة إيناس السقا المتخصصة في الفنون البصرية والمسرح، والفنان والإعلامي والمؤثر علي عبد الله حسن النسمان، والشاعر عمر فارس أبو شاويش، والفنانة حليمة عبد الكريم الكحلوت، والفنان والكاتب الشاب يوسف دواس وهو عازف غيتار وكاتب، الفنانة التشكيلية نسمة أبو شعيرة، وإيمان خالد أبو سعيد، والفنان طارق أحمد ضبان، والخطاط والفنان مهند أمين الأغا ، والشاعر الفلسطيني والباحث التربوي شحده البهبهاني والكاتب والشاعر رفعت العرعير”. ومن بين الشهداء أعضاء أطفال في فرق الدبكة الفلسطينية هما “الطفلتين شام أبو عيد (8 سنوات) وليلى عبد الفتاح الأطرش (8 سنوات). إلى جانب ذلك أصيب العديد من الفنانين والكتاب أيضا وبعضهم فقد أطرافه وأجزاء من جسده.
كما ودمرت آلة الحرب عشرات المراكز إن لم يكن كل المراكز الفنية والثقافية في القطاع من التي تم حصرها بشكل رسمي:
–المركز الثقافي الاجتماعي الأرثودوكسي العربي
– مركز رشاد الشوا الثقافي (مركز ومسرح ومكتبة ومطابع)
– دار الشباب للثقافة والتنمية
– الاتحاد العام للمراكز الثقافية
– مؤسسة السنونو للفنون والثقافة
– مركز جمعية أبناؤنا للتنمية
– ومركز غزة للثقافة والفنون
–جمعية ميلاد لتنمية القدرات الشابة
– جمعية حكاوي للثقافة والفنون
–الجمعية الفلسطينية للتنمية وحماية التراث
– محترف شبابيك وهو معرض دائم للفنانين في غزة والذي يحتضن العديد من المعارض الفنية من كافة المدارس، وهو تجمع لهم للعمل والخروج بأعمال إبداعية جديدة ومعاصرة ويقع في حي الرمال.
– قرية الفنون والحرف
– مركز إسعاد الطفولة
– جمعية البيادر للمسرح والفنون
–جاليري التقاء للفنون البصرية المعاصرة
–معهد كنعان التربوي النمائي
– مركز العصرية الثقافي
–مسرح بذور
– مقر الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين
– جمعية الشبان المسيحية
– مسرح هولست
– مؤسسة أيام المسرح
– مؤسسة” نوى“للثقافة والفنون
– المركز ثقافي الهلال
إلى جانب ذلك استهدفت قوات الاحتلال معالم المدينة فقصفت الميادين العامة والنصب والأصرحة التذكارية والحدائق والجداريات الفنية، وقد تم رصد عشرات الاستهدافات لأعمال فنية ونصب تذكارية في الميادين العامة، خاصة في مدينة غزة بشكل مباشر