بين الماضي والحاضر.. مظاهر استقبال شهر رمضان في فلسطين
لشهر رمضان المبارك مكانة وخصوصيّة فريدة لدى الفلسطينيّ منذ ما قبل النكبة، إذ تناول الشهر الفضيل في أمثاله الشعبية وأهازيجه ومأثوراته، واستعدَّ له قبل حلوله بأسابيع طويلة، فكيف كان يستقبله آنذاك، وكيف يستقبله اليوم؟
استقبال شهر رمضان في فلسطين قبل النكبة
كان الرجال والنساء في فلسطين قبل النكبة يستقبلون رمضان استقبالًا فريدًا، فيهتم الرجال بجني المحاصيل والاهتمام بتوفير “مونة” رمضان مما يزرعونه في أراضيهم، فيبدأون بجني: القمح، الشعير، الحمص، العدس، السمسم، الذرة البيضاء، الذرة الإفرنجية، الفول، البطيخ، الشمام وغيرها، فيما تهتم النساء بتخزينها في “النملية” (وهي خزانة خشبية توضع في المطبخ)، وطحن وتحضير ما يمكن تحضيره منها لاستقبال الشهر الفضيل، مثل: الهيطلية والزلابية والفطير والبرغل وقمر الدين، وهي من المأكولات الشائعة في رمضان آنذاك.
مظاهر استقبال شهر رمضان اليوم
اختلفت مظاهر استقبال شهر رمضان في فلسطين عمّا كانت عليه قديمًا، لكن أهلها ما زالوا يحافظون على العادات الأصيلة والطقوس التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، ويستخدمونها في تعزيز أواصر الترابط فيما بينهم وكذلك في مواجهة الاحتلال وتعزيز صمودهم، ومنها:
تنظيف وتزيين المسجد الأقصى
يُواظب الفلسطينيّون كل عام على تنظيف وتزيين المسجد الأقصى ومصلياته وباحاته ومحيطه، وتجهيزه لاستقبال المصلين خلال شهر رمضان المبارك، إضافة لتزيين أزقة وحارات البلدة القديمة بالقدس المحتلة وإضاءتها (وهو ما يحدث أيضًا في معظم مدن وقرى فلسطين)، استعدادًا لاستقبال آلاف المصلين من أنحاء الأرض المحتلة الذين يرابطون في المسجد المبارك طوال الشهر الفضيل.
حلويات وزينة رمضان
تتزيّن الشوارع والأزقة في فلسطين بحبال الزينة والفوانيس، وتُسمعُ أصوات التكبيرات وأغاني رمضان في شوارعها حتى قبل أيام من حلوله، ويبدأ الناس بشراء الزينة لمنازلهم ويُضيؤونها ليلًا ابتهاجًا باقترابه، أما محال الحلويات فتبدأ تحضيراتها لإعداد حلويات رمضان، ولا تقتصر التحضيرات على “القطايف”، إذ يزداد الطلب على “الكنافة” بنوعيها الخشنة والناعمة، و”فطائر الجبن” و”فطائر القشطة”، و”خدود الست”، و”أصابع زينب”، و”العوامة”، و”كراكيش”، و”الزلابية”، و”الهريسة”، و”قزحة” وغيرها من الحلويات التي يكثر الطلب عليها في رمضان.
التكايا وموائد الإفطار
يُسارع أهل الخير والميسورون في كل المدن الفلسطينية إلى التبرّع بالمواد العينية والمبالغ المالية للتكايا والمؤسسات المجتمعية المعروفة بإعداد وجبات وموائد الإفطار في رمضان وتوزيعها على المحتاجين في المدن والقرى، حتى قبل بداية شهر الخير، كما تبدأ الفرق الشبابية التطوعية بإعلان أنشطتها وفعاليتها التي يكون الجزء الأكبر منها في المساعدة بتوزيع هذه الوجبات وتنفيذ أنشطة للأطفال وكبار السن.
التمور والعصائر
مع اقتراب حلول الشهر الفضيل، تبدأ أنواع التمور بالظهور على أرفف المحال التجارية والسوبر ماركت بأنواعها الكثيرة والمختلفة، ويُسارع الناس بشرائها استعدادًا لشهر الخير، وتظهر الكثير من أنواع العصائر في الأسواق، مثل: الليمون والتمر والرمان والبرتقال والسوس والخروب، والتي يستغرق بعضها أسبوعًا في التحضير، ومن الناس من يفضل: التمر الهندي وقمر الدين، ويبدأون بشرائه قبل بداية رمضان.
وليس ختامًا بـ «مونة رمضان»
تعد “مونة رمضان” من أبرز العادات التي ترتبط باقتراب شهر الخير وأيامه الأولى، فيشتري رب الأسرة أصنافًا مختلفة وأساسية تحتاجها الأسر في رمضان، مثل: الأجبان، الألبان، العصائر، التمور، المعلبات، وغيرها، حسب قدرته، ويزور أقاربه وجيرانه المحتاجين ويقدمها لهم، كما يُجهّز هذه المونة لعائلته الصغيرة قبل أيام من دخول شهر الصيام.