أطباقٌ دافئة على مائدة الشتاء في فلسطين
تُعدُّ الأكلات الشعبيّة في فصل الشتاء من أبرز سمات الموروث الشعبيّ التي يُحافظ عليها الفلسطينيّ ضمن مائدته وأطباقه الشتوية المفضلة، منذ عقود طويلة؛ فهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بخصوصيّة موسم الشتاء لدى الفلسطيني عمومًا، والفلاح خصوصًا؛ فجزء منها يعد من الأكلات الشتوية القديمة المتوارثة منذ ما قبل عام النكبة، وخصوصية مُكوّناتها التي تُشكِّل المحاصيل الشتوية جزءًا مهمًّا منها؛ تلك التي يزرعها الفلاح في أرضه خلال الموسم لتكون زاده في أيام وليالي الشتاء الباردة والطويلة، وخاصة في موسم المربعانية.
1- المفتول:
الطبق الفلسطينيُّ الأبرز في فصل الشتاء، والوجبة الغذائية المتكاملة الأكثر شعبية (ودسمًا) في فلسطين خلال الموسم، حتى إنها كانت تُقدَّم في بيوت العزاء، لكنها اختفت تدريجيًّا. يتكوّن «المفتول» أساسًا من القمح، و”يُفْتَل” باليد إلى كرات صغيرة، ولهذا سُمِّي باسمه المتداول، ومن ثم يُطبخ على البخار المتصاعد من مرق الدجاج أو اللحم، وخليطٍ من الخُضروات والبهارات.
2- المسخن:
من الأكلات التراثية المشهورة في فلسطين قبل النكبة، ولهذا السبب اكتسبت عراقةً كبيرةً في التراث الفلسطينيّ، وشهرةً تجاوزت جذورها المرتبطة بالفلّاحين آنذاك، لتتربّع اليوم على السفرة الشتوية في كل بيت فلسطينيّ، لكنها تكتسب شهرةً أكبر في الضفة والداخل المحتل بخلاف غزّة. تتكوّن من الخبز والبصل والسماق والدجاج أو اللحم، وزيت الزيتون.
3- الخبيزة:
هي نبتة بريّة تنمو في الحقول والأودية والجبال في فصل الشتاء، ولهذا تشتهر في القرى الفلسطينيّة أكثر من المدن، عدا عن فوائدها الطبية ومذاقها اللذيذ وسهولة إعدادها، وارتباطها بالأرض كونها من النباتات الشتوية. تمنو في الشتاء والربيع، وتُطهى بأشكال مختلفة، منها طهيها مثل الملوخية السائلة، أو وضعها في عجينة خاصة مع بعض الفلفل الأحمر، وخبزها على شكل أقراص أو أرغفة.
4- المقلوبة:
يكثر طهيها في فصل الشتاء، لكنها من أبرز الأطباق على المائدة الفلسطينية طوال العام. كانت تُسمّى «الصيّادية»، أو «مقلوبة السمك»، نظرًا لانتشارها لدى أهل الساحل الفلسطينيّ، وأصبحت لاحقًا تُسمّى بـ «المقلوبة» بعد وصولها إلى أهالي المناطق الجبليّة وسط وشمال فلسطين، فأدخلوا إليها الدجاج أو اللحم بدلًا من السمك الذي استخدمه أهل الساحل. تختلف الأذواق حولها، ما بين إضافة الباذنجان أو القرنبيط أو القرع العسلي أو البطاطا أو الجزر أو الفول الأخضر، وأنواع اللحوم المختلفة.
ومن الأكلات الشتوية الفلسطينيّة أيضًا: المجدرة، شوربة العدس، الرمانية، الفريكة، الكشك والكراوية، وهي من الحلويات الشتويّة في فلسطين، إضافة إلى كثير من الأكلات الشعبيّة المحليّة الفريدة بكل قرية ومدينة فلسطينية نظرًا لخصوصيّتها وتنوّع موروثها وعاداتها في فصل الشتاء خصوصًا؛ أكلاتٌ يبقى الفلسطينيُّ محافظًا عليها، مُتمسّكًا بها في قراه ومدنه ومخيماته، فهي إرثٌ يستمدُّ منها قوته ويعزز عبرها هويته وانتماءه إلى أرضه وتراثه، رغم مرور سنوات النكبة الطويلة، ومحاولات الطمس الاحتلاليّة المُستمرّة..