في أول أيام رمضان: إفطاركم “أبيض ولّا أخضر؟”
يطرح الكبار والصغار السؤال ذاته، في كل عام، ورغم العادات الرمضانية التي بدأت تتغير شيئًا فشيئًا، إلا أن رمضان في فلسطين يتّسم بعادات ومظاهر خاصة، توارثتها الأجيال وحفظها الأحفاد، وفي أول أيام الشهر الفضيل: إفطاركم “أبيض ولّا أخضر؟”.
“الأبيض والأخضر” على مائدة رمضان
تطبخ نساء فلسطين في أول أيام شهر رمضان المبارك “الأبيض”؛ ليهلّ الشهر الفضيل بأيام بيضاء وسعيدة، ويطبخن “الأخضر” تفاؤلًا بسنوات خضراء مزهرة، ومن اللبن المطبوخ إلى الملوخية، تختلف المأكولات الفلسطينية على مائدة رمضان، وتبدع الأم في ابتكار طبخات رمضانية يغلب عليها اللونين الأبيض والأخضر، لتكون الأطباق الرئيسية على مائدة الإفطار في أول أيام رمضان، إلى جانب الأرز الأبيض، الشوربات والمخللات والمقبلات والعصائر، وأحيانًا أطباق أخرى مثل الدجاج بأنواعه، لكن المقلوبة تحديدًا لا تحضر مع هذه الأصناف على سفرة رمضان!
“الأخضر”.. من الخليل إلى غزة والجليل!
ما زالت أكلة “الملوخية” محتفظة بمكانتها على سفرة الإفطار في أول أيام شهر رمضان المبارك في الخليل وغزة والجليل؛ طبقًا رئيسيًّا على المائدة، إذ تميل العائلات إلى هذه الأكلة سيرًا على عادات الجدّات والأمهات قديمًا، اللاتي كُنّ يستبشرن بها الخير والتفاؤل من لونها الأخضر. تُطهى “الملوخية” بأشكال مختلفة (المفرومة أو الورق)، وبوصفات متميزة أيضًا، وتقدم بالدجاج أو اللحوم الحمراء، وإلى جانبها تقدم بعض العائلات الخليلية طبق “العجة”، الفلافل والحُمص، من ضمن المقبلات مع الوجبة الرئيسية.
كل فلسطين تفطر “الأبيض”!
من شمال فلسطين إلى الوسط وأقصى الجنوب، تتّفق العائلات الفلسطينية على بدء شهر رمضان بالأبيض؛ ففي نابلس وضواحيها مثلًا، يتربّع “العكوب باللبن” على السفرة الرمضانية، يُقطّع ويُقلى ويُطبخ باللبن الرائب (الطازج) مع اللحم أو الدجاج، أما في جنين، فيحضر طبق اللبن المطبوخ مع الأرز على سفرة إفطار الأول من رمضان، يُسمّيه أهل وسط وجنوب فلسطين بـ “المنسف بالجَميد”، وهو لبن الأغنام المجفف، وهو من الأطباق التي يعدها أهل الخليل طبقًا خاصًّا بالولائم، لكنهم يتناولونه في الأسبوع الثاني من شهر الصيام، ويُقدّم مع “يخنة الفاصولياء الخضراء” كطبق رئيس.
القدس توحّدنا على “الأبيض والأخضر”
تتنوّع أذواق أهل مدينة القدس المحتلة على نوع الطبق الرئيسي في افتتاح أيام شهر الصيام؛ ما بين “الملوخية” و “اللبنيّة”، وأصناف أخرى على سفرة الإفطار، يجتمع المقدسيّون في تقليد تراثيّ أصيل، ويفطرون في منازلهم، في أزقة وأحياء مدينتهم، وفي ساحات المسجد الأقصى وحارات البلدة القديمة، التي تشهد تهويدًا مستمرًا لا يتوقّف، حتى في شهر الخير والبركات!