“تمثيلنا” إبداع أبطاله أطفال فلسطينيون
بأدوات بسيطة انطلق أربعة أطفال فلسطينيين بفكرة تمثيل أفلام قصيرة تعالج واقعا أو قضية اجتماعية بطريقة درامية هادفة وكوميدية في أحيان كثيرة. وباتت حارة الغرب في قرية الفندقومية حيث يقطنون “هوليود” أعمالهم الفنية. وأسماء الأطفال جودت وعنان وباسل وسند علما.
“اختار سند ورشة الحدادة الخاصة بأحد أقاربه ليقضي فيها عطلته المدرسية ويكتسب الخبرة ويتعلم مهارة وعملا جديدا، ويضيف إلى إبداعه بالمدرسة تميزا جديدا في الحياة المهنية، يحمل بيده المطرقة ثم يبدأ بتقويم لوح الحديد ليصنع منه بابا لمواطن بالقرية”.
هذا اقتباس من سيناريو فيلم قصير (سكيتش) حول “استغلال العطلة المدرسية” أعده أطفال فلسطينيون، يُعالجون فيه واقعا أو قضية اجتماعية بطريقة درامية هادفة وكوميدية في أحيان كثيرة.
وفي قرية الفندقومية قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية أضحت أسماء الأطفال الأربعة جودت وعنان وباسل وسند علما، وأضحت حارة الغرب حيث يقطنون “هوليود” أعمالهم الفنية التي عرفت باسم “تمثيلنا”، فانبجست إبداعاتهم في ثلاثين فيلما قصيرا تلامس هموم الناس وواقعهم.
بأدوات بسيطة انطلقنا وكبر حلمنا يوما عن آخر وكبر معه طموحنا بالنجاح” يقول عنان الحاج أحد الممثلين الأطفال، كما تجاوزوا معا “إخفاقات” جعلتهم يتحدَّون ويحظون بمتابعات كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ساعدهم في ذلك علاقتهم كأصدقاء وأقرباء أيضا.
لم يحدث أن رأى الأطفال أعمالا فنية تنفذ في قريتهم، ولم يسبق لهم المشاركة في عمل مشابه، حتى تلك التي تنطوي تحت النشاطات المدرسية، “بل كانت الفكرة وليدة بكل شيء، بدءا من طرح المواضيع وصياغتها في قالب جميل وانتهاء بتمثيلها، “ولا يخلو الأمر من تعديلات طفيفة في النص” يضيف عنان.
تطوير القدرات
يحمل الفتى باسل الحاج -الذي توكل إليه مهمة الإخراج عادة- بين يديه نصوصا أعدت للتمثيل، ثم يبدأ بتوزيعها على الأطفال ليقرؤوها ويدخلوا عليها التعديلات المطلوبة، قبل أن يشرع كل منهم في حفظ دوره وتمثيله.
وبعد شراء حامل الكاميرا، تقلصت فترة التصوير التي كانت تمتد لساعات نتيجة الاعتماد في التصوير على أحدهم.
ويقول باسل “نحن لا نشترك في التمثيل فقط، وإنما في كل شيء نطور به فريقنا وأداءنا، وسنسعى جاهدين لتوفير الإمكانيات اللازمة لعمل أكبر”.
يشير جودت -الطفل الرابع- إلى الحارة التي يقطنونها في الحي الغربي من قريتهم، ويقول “هنا نعد معظم الأعمال، نستعين بالهدوء وبمنازلنا القريبة وأطفال الحي.. إنها بمثابة مدينة هوليود لنا”.
وحرص الأطفال على تعلم برامج المونتاج بمساعدة من أساتذتهم في المدرسة ووسائل التواصل الاجتماعي التي سخروها للترويج لأعمالهم التي بدأت تشق طريقها وبقوة بين الجمهور.
احتضان ودعم
يقول أستاذ الإعلام بالجامعة العربية الأميركية بمدينة جنين سعيد أبو معلا إن هذه المواهب مؤشر على أمرين: أولهما سيطرة التكنولوجيا وأدواتها على حياة الأطفال، وامتلاك هؤلاء لمواهب وأحلام كبيرة مكنتهم هذه التقنيات من اكتشافها.
ويمكن لهؤلاء الأطفال -والكلام لأبو معلا- أن ينجحوا أكثر إذا ما وجدوا من يزودهم بالمعرفة ويحتضنهم، كما يمكن لأعمالهم التأثير أيضا، “لكن يجب أن لا تحاكم أعمالهم بصفتها أعمالا فنية متكاملة”.
وخارج حدود الفندقومية، بدأت حكاية “تمثيلنا” التي نسج خيوط نجاحها الأطفال الأربعة تشق طريقها وترى النور متجاوزة عقبات كثيرة، لكنها لا تزال بحاجة إلى من يسندها معنويا وماديا.
المصدر : الجزيرة