أمسية موسيقية للفنان الفلسطيني “لؤي بلعاوي” على مسرح الحرية في مخيم جنين
أوتار متلاصقة مشدودة تملك ذلك الحيز الذي يعطي لوجع الوتر نغم الروح ولضحكته صوت جمال الحياة، في حضرة الأوتار المتناسقة كلوحة صامتة ندرك معنى التقاسيم والتفاصيل البعيدة لمكان اختبئ في زحمة الدنيا، ومع أولى الأنامل المداعبة لهذا الهدوء تنبعث خيوط تلامس المشاعر تدفع باتجاه معانقة العيش بتأمل كل ما غاب عن هذه السيرة، ليشفي الغياب بدواء الحضور.
لوحة مبعثرة بألوان غريبة صارخة عجيبة، في الوهلة الأولى تشعر باغتراب السياق وبتدقيق المعاني المنبعثة من اللوحة ترى وجهك، وهنا اكتملت لوحتنا بأبجدية موسيقية بصوت العود الآلة العربية التي تمسك بيدك وتأخذك إلى واحة واسعة تضج بالمفردات الموسيقية ولتلمس فيها رقة الإحساس وروحانيات الحياة، وفي ظل هذا الانسجام بين الآلة والجمهور تأتي الموسيقى الغربية بصوت الدرامز والجيتار بمزج في قمة التناسق يأخذك في رحلة من عالمك إلى عالم جديد تتنقل فيه بسلاسة بين الثقافات والحضارات المختلفة.
حوار جميل دار على خشبة مسرح الحرية في مخيم جنين بأمسية رمضانية ضمن سلسلة فعاليات الشهر الكريم في المسرح، هذا الحوار جمع الفنان لؤي بلعاوي بآلته العود مع رفاقه خليل أبو عين ومجد الشيخ بآلتهم الدرامز والجيتار.
الفنان لؤي بلعاوي بهذه الوصلة الموسيقية من تأليفه وألحانه عبر عن المستوى الإبداعي الذي وصل إليه من خلال التجريب والعطاء في رحلته الموسيقية، فدمج لؤي بين الآلة العربية الأصيلة العود والتي تعبر بقوة عن الطبيعة الخلاقة والعذبة للموسيقى العربية العاكسة لجوهر الهوية العربية عبر دفء أوتار العود وقوة تأثير مقطوعاته، وبين الموسيقى الصاخبة التي تحمل أصوات الضجيج والفوضى المحببة للكثير، دمج بين الهدوء والفوضى، وبين الحنان والقوة، كلها تناقضات كبيرة ساعدت في تقوية العرض.
حوار دار بين إعلاميات شابات ثلاث في حديثهن لمسرح الحرية، تتحدث مجد حثناوي عن العرض فتقول إن العرض جميل جدا ويساعد في تفريغ الطاقة السلبية من خلال أصوات الحياة التي يحملها أينما حل، وتضيف بأن المقطع الأجمل كان عندما عزفت كل آلة بخصوصيتها دون تناسق ليترك المجال للجمهور كي ينسقها كلا كما يريد.
أما إيناس عباهرة رأت أن العرض كان رائع، لكن الأروع كان اندماج الجمهور مع هذا الخلط الغريب والجديد بين الموسيقى الغربية والشرقية كل على سجيته وإن كان الجميع استمع لنفس اللحن إلا أن كل منا سرح إلى عالمه الخاص وشكلها كما يحب، والذي أضفى شعور جميل جدا غذا الروح بصدق.
وتضيف دانا الدريدي كان حفل شرقي أصيل وقادر في الوقت نفسه على مواكبة موسيقى شعوب أخرى تتلاءم مع طبيعة العود، وكان عبارة عن مزيج وخطاب للروح، كان حفل يسعد الروح بعزف بسيط مليء بتعبيرات روحية، وكان العزف كالموج يشد ويرخي الجمهور حفل مميز وكان اقبال الناس ممتاز.
أما جمهور مسرح الحرية فقد استحسن العرض وتفاعل معه، حيث يرى حبيب الراعي أن الحفل خرافي ورائع جدا وغريب ونوع جديد من الموسيقى في عالمنا العربي لكنه لون جميل جدا، وكما دعت مجد صانوري مسرح الحرية إلى استمرار الاهتمام بمثل هذه الفنون وضرورة الاستمرار في التفاعل مع الشباب الفلسطيني الموهوب أمثال لؤي ورفاقه بعد عرض الجاز الجميل.
ومن الجدير بالذكر أن مسرح الحرية أطلق في بداية شهر رمضان سلسلة نشاطات ثقافية وفنية استهدفت المجتمع المحلي بمختلف فئاته العمرية، في برنامج موزع على أيام الشهر الفضيل.
المصدر : دنيا الوطن