الفلسطيني محمد الجعبري..إبداعُ التقاعد يغزل بالفسيفساء
ما إن دق جرس التقاعد لدى الفلسطيني “محمد الجعبري” حتى انطلق في حصة جديدة عنوانها الإبداع في تشكيل لوحات وتحف من الفسيفساء، مستغلاً قطع الخزف التالفة.
فداخل منزله الكائن في حي رأس الجورة بمدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، ثمة إبداع يترجمه “الجعبري” (67 عاماً) لزوراه من الإعلاميين وعشاق هذا الفن.
ومنذ العام 2007، و”الجعبري” يواصل العمل لصنع لوحات فنية على جدران منزله الداخلية، إلى جانب صنع لوحات فنية على أواني وتحف تالفة.
وفي سنوات عمله الأخيرة شغل مدير مركز صناعة الخزف التابع لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
عن بداية مشروعه، يقول الجعبري للأناضول:”بدأت بالتفكير كيف يمكن قضاء وقت الفراغ بعد هذه السنوات الطويلة من العمل، فاهتديت لصناعة التحف الفنية من الخزف التالف، لإنتاج لوحات فسيفساء أبهرت ناظريها”.
ويضيف:”ذات مرة كنت أتسامر مع أبنائي في فناء المنزل، ففكرت بتزينه، وبدأت العمل، فخرجت معي لوحات فنية كما ترون”.
ويحصل “الجعفري” على المواد الخام، من الخزف المكسور (التالف) من مصنع في مدينته بالمجان، ويعيد تدويره لينتج لوحات فسيفسائية.
ينظر “الجعفري” للوحاته، ويقول:”إنها جزء من حياتي، لا يمكنني التفريط بأي منها، أعتز وافتخر بها”.
ولشدة ارتباطه بها، يرفض هذا الفلسطيني حتى أن يهدي أبناءه ولو قطعة واحدة من لوحاته، بحسب قوله.
ولا يصنع “الخليلي” (نسبة إلى مدينة الخليل)، قطعاً متشابهة، ويقول:”لا أخطط للعمل، كل قطعة لها شكل مغاير لا تشبه الأخرى، أستمتع في إنتاج ما هو جديد، وأعمل دون تخطيط”.
يشير إلى قطعة من منتجاته ويتابع: “أصنع هذه التحف لنفسي، تستغرق وقتاً طويلاً، فهذه مثلا أمضيت نحو 70 يوماً في العمل لتخرج بهذا الشكل، تحتوي على نحو 13 ألف قطعة، كل قطعة عملت عليها بشكل منفرد قبل بنائها معا”.
ويضيف:”لا يوجد من يقدِّر مثل هذا العمل، قطعي لا تباع لأنني أطلب سعراً يناسب الجهد الذي أمضيته في صناعتها”.
وعن ذات القطعة يقول:”لم أقبل ببيعها دون مبلغ 5 آلاف دولار”.
وباع الحاج الستيني قطعاً محدودة خلال مشاركته في معارض دولية، ويقول:”بعد وفاتي ستكون تركة لأبنائي”.
داخل غرفته الخاصة، يضع “الجعفري” تحفاً مزركشة بالفسيفساء، لكنه يأخذك في جولة بفناء منزله، حيث حوّل كل زاوية من جدرانه إلى لوحة فنية، استغرق وقتاً طويلاً في تنفيذها.
وبينما يقف إلى جانب لوحة في فناء منزله، استغرق في عملها نحو العام، أمضى بقوله:”هذه هواية من الله، أعشق فن الخزف والفسيفساء”.
ويقدّر مساحة لوحاته في فناء المنزل بنحو 20 مترا مربعاً، مقسمة على سبع لوحات فنية، خط بداخلها آيات قرآنية.
ويستخدم “الجعبري” أدوات بسيطة في صناعة الفسيفساء.
ويطمح بتبني فكرته، لتأسيس مدرسة لتعليم فن الخزف والفسيفساء.
وشارك “الجعبري” في معارض دولية ومحلية، وحصل على الجائزة الأولى في معرض مسقط في سلطنة عُمان، عام 2012.
وتشتهر الخليل بصناعات الخزف والفخار والزجاج وخشب الزيتون والصدف ودباغة الجلود وغيرها من الحرف.
وكان مجلس الحرف العالمي، قد أعلن يوم 6 سبتمبر/ أيلول الماضي الخليل، مدينة حرفية عالمية للعام 2016.
كما تعد المدينة أكبر مدن الضفة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة؛ حيث قُدِّر عدد سكانها في عام 2014 بقرابة 200 ألف نسمة، وتبلغ مساحتها 42 كلم مربع، وتمتاز بأهمية اقتصادية.