رحيل الفنان الفلسطيني عبد المحسن القطان
رحل اليوم، في لندن، عبد المحسن القطان (1929-2017)، الذي كان واحداً من القلائل ممن دعموا الثقافة داخل فلسطين بشكل خاص، وكان له إسهامات واضحة في هذا المجال، في ظلّ إهمال المال الفلسطيني لمسؤولياته المجتمعية والثقافية.
ربما يعدّ أبرز أعماله في الحقل الثقافي إطلاقه مؤسسة بتمويل من “صندوق عائلة القطان” تحمل اسمه، وتتخصّص في النشاط التعليمي والثقافي في فلسطين، وتعمل ما بين رام الله وغزة ولندن، حيث انطلقت من بريطانيا عام 1993، ثم بدأت العمل في رام الله عام 1998.
قدّم القطان في حياته دعماً لجهات مختلفة؛ من بينها “مؤسسة الدراسات الفلسطينية”، و”الجامعة الأميركية” في بيروت، و”مركز دراسات الوحدة العربية”، وجامعتي “بيرزيت” و”النجاح”، و”مؤسسة أحمد بهاء الدين” في مصر.
تضمّ “مؤسسة عبد المحسن القطان” مركزاً للبحث والتطوير التربوي، و”مركز القطان للطفل” في غزة الذي يقدّم خدمات ثقافية ومكتبية وتدريبية وترفيهية نوعية للأطفال حتى سن 15 عاماً.
وأطلقت المؤسسة أيضاً “برنامج الثقافة والفنون”عام 1999، ويسعى إلى تشجيع المواهب الثقافية في فلسطين، عبر المنح والجوائز والنشر وبرامج الإقامات الإبداعية ودعم النشاطات الثقافية.
القطان ابن مدينة يافا التي هجّر منها عام 1948، والتحق بأهله في الأردن بعد عام من هذا التاريخ، ودرس فيه حتى عام 1951، وجعلته ميوله البعثية يغادر الأردن، فالتحق بالعمل مدرّساً في الكويت، ثم أصبح مسؤولاً في وزارة المياه والكهرباء، قبل أن يتركها ليؤسّس شركته الخاصة للإنشاءات والتجارة التي ستصبح مصدر ثروته.
لم ينقطع القطان عن العمل السياسي، وكان مقرّباً من “منظمة التحرير الفلسطينية”، حيث تنقل بين بيروت والقاهرة واستمر عضواً في “المجلس الوطني الفلسطيني” حتى استقالته في 1990.
في 2011، أعلن القطان عن تخصيص ربع ثروته لإنشاء صندوق لضمان استدامة واستقلالية المؤسسة التي تحمل اسمه، كما أعلن عن تأسيس “معهد دراسات استراتيجية مستقل”، يقدّم بحوثاً في “زوايا متعدّدة ذات علاقة بالقضية الفلسطينية”.
الفنان التشكيلي الفلسطيني المقيم في باريس هاني زعرب قال لـ “العربي الجديد” إن “ما من أحد يعمل في مجال الثقافة والفنون داخل فلسطين المحتلة إلا وكان لمؤسسة القطّان فضلٌ على مشروعه، هذا الفلسطيني اللاجئ الذي استطاع بإرادته وانتمائه أن يقدّم لفلسطين في مجالات عدّة ما عجزت عنه السياسة وأصحابها، وهو بهذا أصبح يمثل قدوة على مستوى جماعي وأيضاً على مستوى شخصي بالنسبة لي”.
أما الشاعر الفلسطيني طارق العربي، الحائز على “جائزة القطان للشعر” عام 2012، فكتب على صفحته في “فيسبوك”، واصفاً رحيل القطان بأنه “خسارة كبيرة لفلسطين. لن تعرف البلاد رجل أعمال برؤيته وإنجازاته ووطنيته. العزاء لعائلته وللعاملين في مؤسسة القطان والعزاء للبلاد”.
العربي الجديد