الأسر في الأغنية الفلسطينية (مقال)
هشام جابر*
في يوم الأسير وكل الأيام هو حاضر في وجدان شعب لا يتنصل لمن قدم زهرة حياته وأغلى مايملك الإنسان – الحرية فداء لوطنه وناب عنهم ليصد بسنوات عمره طاغوت الاحتلال.
في هذا اليوم نقف مع الفن الذي يعتبر لسان حال الزمان والمكان، وصفحات التاريخ المحفورة والمنقولة للأجيال اللاحقة إن أجاد الوصف بلغة اللحن والكلمة والصورة.
نتحدث اليوم عن الفن الفلسطيني الذي كان موضوع الأسرى جزءاً كبيراً من مخزونه الفني، وكيف لا وهو الشعب الذي أصبحت القضبان مكوناً في زوايا معيشته منذ حقبة الاحتلال البريطاني، عبوراً إلى السرقة الصهيونية للأرض والإنسان وحريته.
وهنا نستعرض بعجالة كيف وصفت الكلمة وشرحت صورة نضال الأسير في محطات ليست كاملة المشهد ولكنها نموذج مصغر للحالة، ونبتدأ من مطلع الثلاثينيات وثورة البراق وأسر أبطالها الثلاثة في سجن عكا من قبل الاحتلال البريطاني وإعدامهم في يوم الثلاثاء الأحمر.
ومن منا لم يستمع لهذه الأغنية التي خلدتهم وكأن دماءهم لم تجف بعد، فكلما سمعناها سالت مدامعنا لجمال الوصف وجرح الصوت في الأغنية التي كتبها الشاعر الشهيد نوح ابراهيم، وغناها في الثلاثينيات وأعادت لاحقا فرقة العاشقين غناءها.
ونقشت الصورة لهم وهم معلقون وكأنهم قلائد على صدر الوطن لا تقبل خلعهم أبداً، ونذهب إلى محطة انطلاقة الثورة الفلسطينية في منتصف الستينيات وتصدرت أغاني كورال الثورة وعبدالله حداد وأبو عرب المشهد هناك.
وتناولت الأسر في أغاني عدة نذكر منها ( ياخوي بالزنزانة ) و ( أنا صامد ) وإلى بيروت حين روت تفاصيل ثورتها أصوات مارسيل خليفة وفرقة العاشقين وأحمد قعبور وأميمة الخليل وكان الأسر حاضرا في أغانيه ك ( معسكر انصار ) و ( منتصب القامة ).
وإلى ما بعد الانتفاضة الأولى حيث كانت مفردات الأسر هي الطاغية في أغاني فلسطين لدرجة يصعب حصرها ونذكر أغاني الفنانة ميس شلش ( من جو الزنزانة، وصامد ) و ريم بنا ( ياطالعين عالجبل)، وعمالقة الفن العربي ك لطفي بشناق وعاصي حلاني وغيرهم، وكل هذا يؤكد على أهمية أن لا ننسى بأن القضبان لا تسلب حرية ولا تبعد عنا جسداً حراً، الحرية لأسرانا، الحرية للوطن وعاشت الروح التي لا تموت إلا واقفة.
*هشام جابر: إعلامي مختص بالفن الفلسطيني