«نجمة القدس».. شيرين أبو عاقلة، صوت فلسطين إلى العالم
«نجمة القدس» التي سطعت عاليًا في سماء البلاد المُحتلّة، حمل ضياؤها رواية الشعب الفلسطينيّ في مدنه وقراه ومخيّماته، وعَمَّ كل البلاد من أقصاها إلى أقصاها، دفاعًا عن الحقّ وتعبيرًا عن المعاناة وتعزيزًا للصمود وترسيخًا للنضال، صوتًا وصورةً وذاكرةً وتراثًا.. الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ابنة القدس، رثتها قناة «فلسطيني»:
صوتك عالي وواضح يا شيرين
يا نجمتنا في سماء فلسطين
صوتك يصدح عالغاصب علا
وطلة هالمزيونة مجمّلا
«شيرين» صوتٌ غيَّر الواقع، وأوصل كلمته إلى العالم..
تخصَّصت في الهندسة المعمارية قبل أن تنتقل إلى الصحافة المكتوبة، وعملت في مجالات الإعلام المختلفة، لتكون الصوت الحقيقي لرواية الفلسطينيِّ بكل أفراحه وأحزانه، ونقلت أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) بين عامي 2000 و2004، وكل الأحداث التي تخلّلتها، من اجتياح مخيمي جنين وطولكرم عام 2002 إلى انسحاب الاحتلال من قطاع غزة بعدها بعدة أعوام، حتى أحداث حي الشيخ جراح بالقدس وما تبعها من أحداث.
لم تترك شيرين مدينة أو قرية أو مخيمًا فلسطينيًّا إلا ونقلت قصص أهله وأبنائه، حمل صوتها معاناتهم وعذاباتهم وانتهاكات الاحتلال بحقّهم، نقلت صورتها ملامحهم وآمالهم وتطلعاتهم، مَثَّل عطاؤها عطاء الفلسطيني المنتمي إلى ذاكرته وأرضه ووجدانه، وفي ارتقائها، جمعت كل فلسطين في الوطن والشتات، وحّدت صرخاتهم وهتافاتهم، وفي جنازتها، وقف شعب فلسطين كاملًا في وجه هراوات الاحتلال الذي اعتدى على نعشها!
ولدى سؤالها في إحدى المقابلات الصحافية عن الخبر الذي تأمل في بثّه إلى الشعوب العربية، وتعتقد أنه أعظم خبر في حياتها، قالت شيرين: «أتمنى أن يكون خبر تحرير فلسطين وإقامة دولة فلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية». في سبيل هذه الأمنية عملت نحو 30 عامًا في مجالات الصحافة المختلفة، لأنها تؤمن بأمنيتها في تحرير فلسطين والانعتاق من الاحتلال «لا يوجد أي احتلال يمكنه أن يدوم، وما دامت هناك مقاومة وشعب يطالب بحقه فلا بد أن تقوم الدولة الفلسطينية»
«اخترتُ الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان. ليس سهلًا ربما أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرةً على إيصال ذلك الصوت إلى العالم… أنا شيرين أبو عاقلة»، شاهدناها وسمعناها جميعًا وهي تتحدّث بصوتها العذب والواثق، وبكلمات مفعمة بالقوة والصدق، وبرسالة حقيقيّة رأيناها طوال سنوات عمرها الـ51، لتكون هذه الجملة تعبيرًا صادقًا عن فلسطينيّة عاشت لتوصل كلمتها، ودفعت ثمنها حتى الرمق الأخير، بارتقائها اغتيالًا برصاص الاحتلال الإسرائيليّ صباح 11 مايو/أيار 2022، أثناء تغطيتها لاقتحامه مخيم جنين.
«فلسطيني» ترثي (شيرين أبو عاقلة) – «نجمة القدس»: وحادي من بلادي غنّالا
«لكن الاحتلال لا يسعى فقط إلى هدم الحجارة، بل إلى هدم الأمنيات والأحلام كذلك، شيرين أبو عاقلة – القدس المحتلة»، بهذه الكلمات التي ختمت بها شيرين أبو عاقلة إحدى تقاريرها التلفزيونية، اختارت «فلسطيني» أن تكون مطلع أغنية خاصة عن شيرين، «نجمة القدس»، بصوت الفنان الفلسطيني ونجم فرقة «العاشقين»، محمّد هبّاش، مع مشاهد من ارتقائها وتشييعها والحزن الكبير الذي اجترح قلوب الملايين في البلاد وخارجها، مشاهد ما زالت حاضرةً راسخةً في الأذهان، حتى يومنا هذا.
«هوجي وموجي يا فرس هوجي وموجي يا لالا وفي هالأصيلة يا فرس مكللة بشهادة نيالا»، شهادة الحق والقوة، والصوت الصادق الذي عَبَّر عن فلسطين كلها، بكل مكوناتها ومكنوناتها وأمكنتها، بكل الواقع الذي تعيشه هذه الأرض المحتلة وناسها.. بهذا رثتها «فلسطيني»، رثاءٌ يُخلّد صوتها الذي ما زلنا نسمعه في كل حدث مفصليّ تمر به البلاد، في كل مناسبة حضرت فيها شيرين، لكنها اليوم حاضرة فينا.. إلى الأبد..