اختلافات اللهجة الفلسطينية بين القرية والمدينة
اتّسمت اللهجات الفلسطينية بالتنوع والثراء في المفردات والتراكيب والمعاني، وتميّزت كل منطقة بلهجة مختلفة عن جارتها، إذ لعبت الجغرافيا دورًا كبيرًا في حدة اللهجة ومخارجها، نظرًا لطبيعة المكان بين الساحل والسهل والجبل والصحراء، هذه اللهجات التي ظهرت جليًّا في الأغاني التراثية الفلسطينية والمواويل والأهازيج التي ما زلنا نسمعها بأصوات أجدادنا الذين نقلوها وغنّوها مع أجدادهم قبل النكبة.
وحتى قبل وصول العربية إلى فلسطين، كان أهلها يتحدّثون الآرامية والسريانية واليونانية، وفي عصر الدولة الأموية بدأت تنتشر العربية، حتى تأثر الناس بها وتحدّثوها، فظهرت لهجات أهل فلسطين التي نعرفها اليوم، باختلاف اللهجات من مدينة وقرية إلى أخرى، ومن منطقة جغرافية وأخرى، لكن أهل النقب وبئر السبع حافظوا على اللهجة البدوية.
ورغم وجود اختلاف في اللهجات إلا أنه لا يعد اختلافًا صوتيًّا أي أنه لا يُغيّر في المعنى، إنما هو اختلاف نَغَميّ يتعلق بالنطق، فمثلًا، هذه المفردات (بيضاء، قائمة، كفن، قوم) بلهجة القرية الفلسطينية وأهل الريف: (بيظه، كايمة، جفن، كوم)، بينما في لهجة المدينة الفلسطينية: (بيضه، آيمه، كفن، أوم)، كما نسمع في لهجات أهل شمال فلسطين: (هسّاعه، هسّاع، هـسـا، هسع، هسعيات) بدلًا من (هذه الساعة) فيم يستخدم أهالي وسط فلسطين للتعبير نفسه (هأييت، هلئيت، هلأ).
ومن اللهجات العربية القديمة في فلسطين، ما يُعرف بـ (الكشكشة) – وهي تحويل أو قلب حرف (الكاف) إلى (شين)، مثل: (تشيف حالك؟) بدلًا من (كيف حالك؟)، أو (تشلب) بدلًا من (كلب) – والتي تعد الأكثر استخدامًا. ومن هذه اللهجات أيضًا: الطمطمانية والعنعنة والتلتلة والوهم والوكم وغيرها، إضافة إلى تقارب هذه اللهجات في القرية والبادية أكثر من لهجتي القرية والمدينة.
وفي سبيل الحفاظ على اللهجات الفلسطينية وتنوّعها، تأخذ قناة فلسطيني على عاتقها إنتاج الأغاني التراثية بلهجاتها الأصيلة، وإعادة توزيعها بما يتناسب مع الجمهور الفلسطيني والعربي مع المحافظة على أصالة هذه الأغاني وما تحمله من قيمة وأصالة.